سورة النازعات - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النازعات)


        


قوله تعالى {والنَّأزِعاتِ غَرْقاً} فيه ستة أقاويل:
أحدها: هي الملائكة تنزع نفوس بني آدم، قاله ابن مسعود ومسروق.
الثاني: هو الموت ينزع النفوس، قاله مجاهد.
الثالث: هي النفوس حين تنزع، قاله السدي.
الرابع: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق، ومن المشرق إلى المغرب، قاله الحسن وقتادة.
والخامس: هي القسيّ تنزع بالسهم، قاله عطاء.
السادس: هي الوحش تنزع من الكلأ وتنفر، حكاه يحيى بن سلام، ومعنى {غرقاً} أي إبعاداً في النزع.
{والناشِطات نَشْطاً} فيه ستة تأويلات:
أحدها: هي الملائكة تنشط أرواح المؤمنين بسرعة كنشط العقال، قاله ابن عباس.
الثاني: النجوم التي تنشط من مطالعها إلى مغاربها، قاله قتادة.
الثالث: هو الموت ينشط نفس الإنسان، قاله مجاهد.
الرابع: هي النفس حيث نشطت بالموت، قاله السدي.
الخامس: هي الأوهاق، قاله عطاء.
السادس: هي الوحش تنشط من بلد إلى بلد، كما أن الهموم تنشط الإنسان من بلد إلى بلد، قاله أبو عبيدة، وانشد قول همام بن قحافة:
أمْسَتْ همومي تنشط المناشِطا *** الشامَ بي طَوْراً وطَوْراً واسطاً.
{والسّابحاتِ سَبْحاً} فيه خمسة أوجه:
أحدها: هي الملائكة سبحوا إلى طاعة الله من بني آدم، قاله ابن مسعود والحسن.
الثاني: هي النجوم تسبح في فلكها، قاله قتادة.
الثالث: هو الموت يسبح في نفس ابن آدم، قاله مجاهد.
الرابع: هي السفن تسبح في الماء، قاله عطاء.
الخامس: هي الخيل، حكاه ابن شجرة، كما قال عنترة:
والخيلُ تعْلم حين تس *** بَحُ في حياضِ المْوتِ سَبْحاً
ويحتمل سادساً: أن تكون السابحات الخوض في أهوال القيامة.
{فالسّابقاتِ سَبْقاً} فيه خمسة تأويلات:
أحدها هي الملائكة تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء، قاله عليّ رضي الله عنه ومسروق.
وقال الحسن: سبقت إلى الايمان.
الثاني: هي النجوم يسبق بعضها بعضاً، قاله قتادة.
الثالث: هوالموت يسبق إلى النفس، قاله مجاهد.
الرابع: هي النفس تسبق بالخروج عند الموت، قاله الربيع.
الخامس: هي الخيل، قاله عطاء.
ويحتمل سادساً: أن تكون السابقات ما سبق من الأرواح قبل الأجساد إلى جنة أو نار.
{فالمُدَبِّرات أمْراً} فيهم قولان:
أحدهما: هي الملائكة، قاله الجمهور، فعلى هذا في تدبيرها بالأمر وجهان:
أحدهما: تدبير ما أمرت به وأرسلت فيه.
الثاني: تدبير ما وكلت فيه من الرياح والأمطار.
الثاني: هي الكواكب السبعة، حكاه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل؛ وعلى هذا في تدبيرها للأمر وجهان.
أحدهما: تدبير طلوعها وأفولها.
الثاني: تدبير ما قضاه الله فيها من تقلب الأحوال.
ومن أول السورة إلى هذا الموضع قسم أقسم الله به، وفيه وجهان:
أحدهما: أن ذكرها بخالقها.
الثاني: أنه أقسم بها وإن كانت مخلوقة لا يجوز لمخلوق أن يقسم بها، لأن لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه.
وجواب ما عقد له القسم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه مضمر محذوف وتقديره لو أظْهر: لتُبْعَثُن ثم لُتحاسبُن، فاستغنى بفحوى الكلام وفهم السامع عن إظهاره، قاله الفراء.
الثاني: أنه مظهر، وهو قوله تعالى: {إن في ذلك لعبرةً لمن يخشى} قاله مقاتل.
الثالث: هو قوله تعالى:
{يومَ ترْجفُ الراجفةُ * تَتْبعُها الرادِفةُ} وفيهما ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الراجفة القيامة، والرادفة البعث، قاله ابن عباس.
الثاني: أن الراجفة النفخة الأولى تميت الأحياء، والرادفة: النفخة الثانية تحيي الموتى، قاله الحسن وقتادة.
وقال قتادة: ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينهما أربعون، ما زادهم على ذلك ولا سألوه، وكانوا يرون أنها أربعون سنة».
وقال عكرمة: الأولى من الدنيا، والثانية من الآخرة.
الثالث: أن الراجفة الزلزلة التي ترجف الأرض والجبال والرادفة إذا دكّتا دكة واحدة، قاله مجاهد.
ويحتمل رابعاً: أن الراجفة أشراط الساعة، والرادفة: قيامها.
{قلوبٌ يومئذٍ واجِفَةٌ} فيه وجهان:
أحدهما: خائفة، قاله ابن عباس.
الثاني: طائرة عن أماكنها، قاله الضحاك.
{أَبْصارُها خاشِعَة} فيه وجهان:
أحدهما: ذليلة، قاله قتادة.
الثاني: خاضعة، قاله الضحاك.
{يقولون أئنا لَمْردودُونَ في الحافِرةِ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أن الحافرة الحياة بعد الموت، قاله ابن عباس والسدي وعطية.
الثاني: أنها الأرض المحفورة، قاله ابن عيسى.
الثالث: أنها النار، قاله ابن زيد.
الرابع: أنها الرجوع إلى الحالة الأولى تَكذيباً بالبعث، من قولهم رجع فلان على قومه إذا رجع من حيث جاء، قاله قتادة، قال الشاعر:
أحافرة على صَلَعٍ وشيْبٍ *** معاذَ اللَّه من جَهْلٍ وطَيْشِ
{أَئِذا كْنَا عِظاماً نَخِرةً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: بالية، قاله السدي.
الثاني: عفنة، قاله ابن شجرة.
الثالث: خالية مجوفة تدخلها الرياح فتنخر، أي تصوّت، قاله عطاء والكلبي.
ومن قرأ {ناخرة} فإن الناخرة البالية، والنخرة التي تنخر الريح فيها.
{تلك إذاً كَرّةٌ خاسِرةٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: باطلة لا يجيء منها شيء، كالخسران، وليست كاسبة، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: معناه لئن رجعنا أحياء بعد الموت لنخسرنّ بالنار، قاله قتادة ومحمد بن كعب.
ويحتمل ثالثاً: إذا كنا ننتقل من نعيم الدنيا إلى عذاب الآخرة فهي كرة خاسرة.
{فإنّما هي زجْرةٌ واحدةٌ} فيه تأويلان:
أحدهما: نفخة واحدة يحيا بها الجميع فإذا هم قيام ينظرون، قاله الربيع بن أنس.
الثاني: الزجرة الغضب، وهو غضب واحد، قاله الحسن.
ويحتمل ثالثاً: أنه لأمر حتم لا رجعة فيه ولا مثنوية.
{فَإذَا هم بالسّاهرةِ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: وجه الأرض، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد، والعرب تسمي وجه الأرض ساهرة لأن فيها نوم الحيوان وسهره، قال أمية بن أبي الصلت:
وفيها لحْمُ ساهرةٍ وبَحرٌ *** وما فاهوا به لهمُ مُقيم
وقال آخر يوم ذي قار لفرسه:
أَقْدِمْ مَحاجِ إنها الأساوِره *** ولا يهولنّك رِجْلٌ بادِرهْ
فإنما قَصْرُكَ تُرْبُ السّاهرهْ *** ثم تعودُ، بَعْدها في الحافرهْ
من بَعْد ما صِرْتَ عظاماً ناخِرهْ *** الثاني: أنه اسم مكان من الأرض بعينه بالشام، وهو الصقع الذي بين جبل أريحا وجبل حسّان، يمده الله تعالى كيف يشاء، قاله عثمان بن أبي العاتكة.
الثالث: أنها جبل بيت المقدس، قاله وهب بن منبه.
الرابع: أنه جهنم، قاله قتادة.
ويحتمل خامساً: أنها عرضة القيام لأنها أول مواقف الجزاء، وهم في سهر لا نوم فيه.


{هلْ أتاكَ حديثُ موسى * إذ ناداه ربه بالوادِ المقدَّسِ طُوَىً} فيه قولان:
أحدهما: وهو قول مبشر بن عبيد هو واد بأيلة.
الثاني: وهو قول الحسن، هو واد بفلسطين.
وفي {المقدَّس} تأويلان:
أحدهما: المبارك، قاله ابن عباس.
الثاني: المطهر، قاله الحسن: قدّس مرتين.
وفي {طُوَىً} أربعة أقاويل:
أحدها: أنه أسم الوادي المقدس، قاله مجاهد وقتادة وعكرمة.
الثاني: لأنه مر بالوادي فطواه، قاله ابن عباس.
الثالث: لأنه طوي بالبركة، قاله الحسن.
الرابع: يعني طأ الوادي بقدمك، قاله عكرمة ومجاهد.
ويحتمل خامساً؛ أنه ما تضاعف تقديسه حتى تطهّر من دنس المعاصي، مأخوذ من طيّ الكتاب إذا ضوعف.
{فَقُلْ هل لك إلى أن تَزَكّى} فيه قولان:
أحدهما: إلى أن تُسْلِم، قال قتادة.
الثاني: إلى أن تعمل خيراً، قاله الكلبي.
{فأَراهُ الآيةَ الكُبْرَى} فيها قولان:
أحدهما: أنها عصاه ويده، قاله الحسن وقتادة.
الثاني: أنها الجنة والنار، قاله السدي.
ويحتمل ثالثاً: أنه كلامه من الشجرة.
قوله {فَحَشَرَ فنادَى} فيه وجهان:
أحدهما: حشر السحرة للمعارضة، ونادى جنده للمحاربة.
الثاني: حشر الناس للحضور ونادى أي خطب فيهم.
{فأخَذَهُ الله نَكالََ الآخرة والأُولى} فيها أربعة أقاويل:
أحدها: عقوبة الدنيا والآخرة، قال قتادة: عذبه الله في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار.
الثاني: عذاب أول عُمرِه وآخره، قاله مجاهد.
الثالث: الأولى قوله: {ما علمت لكم مِن إلهٍ غيري} والآخرة قوله {أنا ربكم الأعلى}، قاله عكرمة، قال ابن عباس: وكان بينهما أربعون سنة، وقال مجاهد: ثلاثون سنة، قال السدي: وهي الآخرة ثلاثون سنة.
الرابع: عذاب الأولى الإمهال، والآخرة في النار، من قوله تعالى: {النار يعرضون عليها} الآية، قاله الربيع.


{وأَغْطَشَ لَيْلَها وأَخْرَجَ ضُحاها} معناه أظلم ليلها، وشاهد الغطش أنه الظلمة قول الأعشى:
عَقَرْتُ لهم مَوْهِنا ناقتي *** وغامِرُهُمْ مُدْلَهِمٌّ غَطِشْ
يعني يغمرهم ليلهم لأنه غمرهم بسواده.
وفي قوله: {وأخرج ضُحاها} وجهان:
أحدهما: أضاء نهارها وأضاف الليل والضحى إلى السماء لأن منهما الظلمة والضياء.
الثاني: قال ابن عباس أن أخرج ضحاها: الشمس.
{والأرضَ بَعْد ذلك دَحاها} في قوله {بَعْد} وجهان:
أحدهما: مع وتقدير الكلام: والأرض مع ذلك دحاها، لأنها مخلوقة قبل السماء، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: أن {بعد} مستعملة على حقيقتها لأنه خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها بعد السماء، قاله ابن عمر وعكرمة. وفي {دحاها} ثلاثة أوجه:
أحدها: بسطها، قاله ابن عباس، قال أمية بن أبي الصلت:
وَبَثَّ الخلْق فيها إذْ دَحاها *** فَهُمْ قُطّانُها حتى التنادي
قال عطاء: من مكة دحيت الأرض، وقال عبد الله بن عمر: من موضع الكعبة دحيت.
الثاني: حرثها وشقها، قاله ابن زيد.
الثالث: سوّاها، ومنه قول زيد بن عمرو:
وأسْلَمْتُ وجهي لمن أسْلَمتْ *** له الأرضُ تحمل صَخْراً ثِقالا
دحاها فلما اسْتَوتْ شدّها *** بأيْدٍ وأرْسَى عليها الجبالا

1 | 2